<HR style="COLOR: #fdebeb" SIZE=1>
قصة قصيرة حكاية (مجنون ليلى)
للكاتب: الدكتور عمر فوزي نجاري
يتراءى لبعضهم أحياناً وخاصة ممن يظهر الود والاحترام والتقرب من الآخرين , أن استعمال الألقاب التي تطلق على الآخرين , أو ما تعارف الآخرون على إطلاقه عليهم , وسيلة للتقرب ونيل الرضى والوصول إلى الهدف , ومثل هذا التصرف يأتي عادة من صاحب الحاجة إلى من هو قادر على تلبيتها وقضائها , فيصوغ عبارته صياغة تبدو للوهلة الأولى متقنة لا خلل فيها ولا زلل كما في القصة التالية :
كلاهما كانا في مقتبل العمر , شابين نحيلين بدأ الشعر يغزو وجهيهما وكان يخيّل لكل منهما أنّ الرجولة لم تعد بعيدة المنال منهما , فالشوارب بدأت شعراتها تنمو , وأشعار الذقن المائلة للحمرة بدأت تسترسل بشكل مبعثر هنا وهناك على الخدين . كانا يسرعان الخطا باتجاه اشهر بائع ( كنافة ) * في ذلك الوقت – منذ ما يزيد عن ثلاثين عاماً مضت – وقد اشتهر ذلك البائع باللافتة الموضوعة فوق محلّه ( حلويات مجنون ليلى ) رغم أنّه ليس بالمجنون , ولم تكن ليلى العامرية عشيقته , وكل ما في الأمر إنّه أحبّ أن يطلق على محل حلوياته هذا الاسم إيماناً منه بأنّ من يأكل من هذه الحلوى سيحبها كما أحبّ قيس بن الملوح ليلى العامرية ..
وصل الشابان إلى دكان الحلويات المشهورة ( حلويات مجنون ليلى ) الكائنة قرب ساحة البلدية القديمة في المدينة , وكان المكان كعادته في تلك الأيام مكتظاً بالزبائن , وقد تحلقوا حول البائع , وكل يناديه بأعلى صوته راجياً أن لا يؤخره وأن يسرع بتلبية طلبه …ولم يكن البائع بقادر على تلبية الطلبات بالسرعة التي يأتي بها الزبائن إلى محله كما لم يكن باستطاعته تلبية رغباتهم بحسب تسلسل قدومهم إلى محله ذلك أنه لم يكن قادراً على ضبط تسلسل قدومهم , فكان المحظوظ منهم القادر على تجاوز دور غيره وبالتالي حصوله على طلبه دون طول انتظار , ولربما كان للمقربين من البائع ومعارفه بعض الحظوة في تخطيهم أدوار غيرهم أيضا .
وهذا ما كان , مما جعل الشابين يتأخران كثيراً في الحصول على طلبهما من الحلوى .. وكان لا بد من إيجاد وسيلة ود تقربهما من البائع كي يؤمّن لهما طلبهما بأسرع ما يمكن ..فما كان من أحد الشابين إلاّ أن توجه وبكل لباقة وأدب من البائع قائلاً : أستاذ مجنون أرجوك لا تؤخرنا أكثر من ذلك ؟!..
ويبدو أن هذه العبارة قد أصابت صاحبنا البائع بخبطة على رأسه أعادت له صحوته؟.. هل هو حقاً أستاذ مجنون ؟. هل أطلق عليه هذا اللقب عن قصد , أم أنها هفوة غير مقصودة أطلقها ذلك الشاب النحيل, لم يستوعب البائع ما جرى … توقف عن عمله للحظات وهو ينظر بذهول نحو مخاطبه , ولم يعد يدري ماذا يفعل!.. وقد كبلت يداه ولجم لسانه !..
ثم سرعان ما لبى طلب الشابين وأعطاهما حاجتهما من الحلوى!..
إنّ اللقب الذي أطلقه الشاب على بائع الحلوى (( أستاذ مجنون)) ليس فيه من الخلل أو الزلل شيء بالنسبة لمن لا يعرف اسم البائع معرفة شخصية فاللافتة تشير إلى أنّ الحلويات هي حلويات مجنون ليلى بمعنى أنّ صاحبها هو (( مجنون ليلى )) بينما المقصود من اللافتة أنّ من يأكل من حلوى هذا المكان سيصبح مجنونا بها كجنون قيس بـ ليلى.. والله أعلم.
للكاتب: الدكتور عمر فوزي نجاري
يتراءى لبعضهم أحياناً وخاصة ممن يظهر الود والاحترام والتقرب من الآخرين , أن استعمال الألقاب التي تطلق على الآخرين , أو ما تعارف الآخرون على إطلاقه عليهم , وسيلة للتقرب ونيل الرضى والوصول إلى الهدف , ومثل هذا التصرف يأتي عادة من صاحب الحاجة إلى من هو قادر على تلبيتها وقضائها , فيصوغ عبارته صياغة تبدو للوهلة الأولى متقنة لا خلل فيها ولا زلل كما في القصة التالية :
كلاهما كانا في مقتبل العمر , شابين نحيلين بدأ الشعر يغزو وجهيهما وكان يخيّل لكل منهما أنّ الرجولة لم تعد بعيدة المنال منهما , فالشوارب بدأت شعراتها تنمو , وأشعار الذقن المائلة للحمرة بدأت تسترسل بشكل مبعثر هنا وهناك على الخدين . كانا يسرعان الخطا باتجاه اشهر بائع ( كنافة ) * في ذلك الوقت – منذ ما يزيد عن ثلاثين عاماً مضت – وقد اشتهر ذلك البائع باللافتة الموضوعة فوق محلّه ( حلويات مجنون ليلى ) رغم أنّه ليس بالمجنون , ولم تكن ليلى العامرية عشيقته , وكل ما في الأمر إنّه أحبّ أن يطلق على محل حلوياته هذا الاسم إيماناً منه بأنّ من يأكل من هذه الحلوى سيحبها كما أحبّ قيس بن الملوح ليلى العامرية ..
وصل الشابان إلى دكان الحلويات المشهورة ( حلويات مجنون ليلى ) الكائنة قرب ساحة البلدية القديمة في المدينة , وكان المكان كعادته في تلك الأيام مكتظاً بالزبائن , وقد تحلقوا حول البائع , وكل يناديه بأعلى صوته راجياً أن لا يؤخره وأن يسرع بتلبية طلبه …ولم يكن البائع بقادر على تلبية الطلبات بالسرعة التي يأتي بها الزبائن إلى محله كما لم يكن باستطاعته تلبية رغباتهم بحسب تسلسل قدومهم إلى محله ذلك أنه لم يكن قادراً على ضبط تسلسل قدومهم , فكان المحظوظ منهم القادر على تجاوز دور غيره وبالتالي حصوله على طلبه دون طول انتظار , ولربما كان للمقربين من البائع ومعارفه بعض الحظوة في تخطيهم أدوار غيرهم أيضا .
وهذا ما كان , مما جعل الشابين يتأخران كثيراً في الحصول على طلبهما من الحلوى .. وكان لا بد من إيجاد وسيلة ود تقربهما من البائع كي يؤمّن لهما طلبهما بأسرع ما يمكن ..فما كان من أحد الشابين إلاّ أن توجه وبكل لباقة وأدب من البائع قائلاً : أستاذ مجنون أرجوك لا تؤخرنا أكثر من ذلك ؟!..
ويبدو أن هذه العبارة قد أصابت صاحبنا البائع بخبطة على رأسه أعادت له صحوته؟.. هل هو حقاً أستاذ مجنون ؟. هل أطلق عليه هذا اللقب عن قصد , أم أنها هفوة غير مقصودة أطلقها ذلك الشاب النحيل, لم يستوعب البائع ما جرى … توقف عن عمله للحظات وهو ينظر بذهول نحو مخاطبه , ولم يعد يدري ماذا يفعل!.. وقد كبلت يداه ولجم لسانه !..
ثم سرعان ما لبى طلب الشابين وأعطاهما حاجتهما من الحلوى!..
إنّ اللقب الذي أطلقه الشاب على بائع الحلوى (( أستاذ مجنون)) ليس فيه من الخلل أو الزلل شيء بالنسبة لمن لا يعرف اسم البائع معرفة شخصية فاللافتة تشير إلى أنّ الحلويات هي حلويات مجنون ليلى بمعنى أنّ صاحبها هو (( مجنون ليلى )) بينما المقصود من اللافتة أنّ من يأكل من حلوى هذا المكان سيصبح مجنونا بها كجنون قيس بـ ليلى.. والله أعلم.